نشر بتاريخ: اليوم
لم يكن السؤال الأهم عند حركة التحرير الوطني الفلسطيني – فتح، قبل الانطلاقة، وحتى قبل بدء أبطالنا بتأسيسها: هل نستطيع أم لا ؟! لأن البحث عن الاجابة وانتظار التوصل إليها وخصوصا في ظل الظروف المحيطة بشعبنا وقضيتنا منذ البداية، لن يكون إلا تضييعا للوقت والجهد، دون أي فائدة على الأرض.
في العقلية الفتحاوية كانت ولا زالت الأولوية للبدء بالعمل واستمراريته، على أساس الوطنية الفلسطينية وثبات اتجاه البوصلة نحو فلسطيننا وقدسنا؛ وأولوية التناقض مع العدو الصهيوني؛ بالإضافة لقرارنا المستقل وإبراز هويتنا الفلسطينية كرأس حربة لأمة العرب والمسلمين في مواجهة رأس حربة الاستعمار، العدو الصهيوني.
هذا الأساس يضمن بدء القيام بالواجب نحو الوطن السليب والشعب المشرد والهوية المستهدفة. ومن يبدأ لا بد أن يصل يوما، وخلال الطريق يتعلم ويراجع ... لهذا نقول أن الفتح تعلمت الحرب بالحرب والثورة بالثورة، ولم تنتظر جواب السؤال الذي تاهت في البحث عنه قوى وجهات عدة للأسف.
وها نحن نرى أن الفتح استطاعت أن تشق الدرب، وتبعث الهوية، وتصنع الثورة والمشروع، وتجعل من حلم العودة يقينا قادما، وتحافظ على الديمومة.... فعندما تعلمنا الإيمان بحتمية النصر، تعلمنا أن الإجابة هي نعم نستطيع، والمطلوب الحفاظ على ديمومة المسيرة والثورة.
في حضن الشبيبة الفتحاوية في الساحة الأردنية تشربنا هذا الأصل وكل أصول الوطنية والفتح. وتعلمنا أن المسؤولية جسيمة ولا مجال للتهاون فيها أبدا. فالحفاظ على الفكرة والرواية وشعلة النضال واجب مقدس على كل فلسطيني.
وفي الشبيبة الفتحاوية تعلمنا من خلال المسير والتجربة. لم نتوقف يوما عند سؤال، هل نستطيع ؟!. بل قررنا أننا سنعرف الجواب من خلال العمل والبحث عن أفضل الطرق، دون أي تراخي أو جمود أو قعود. ولعل تجربتنا في الانتخابات (لنسميها "وصفي") تشكل لنا مثالا واضحا. نعم لم نوفق بتحقيق ما أردناه حينها، ولكن توفقنا بما هو أهم: التأكد من حجم الضرر الذي تعرض له الاهتمام بالخطاب الوطني، وبالتالي تعاظم تصميمنا على إنقاذه وحمايته؛ وأننا صنعنا رقما وطنيا لا يمكن تجاوزه. وبالتالي صارت شبيبتنا الفتحاوية في الأردن حصنا منيعا من حصون الهوية والوطنية الفلسطينية، وحركة فتح، والمشروع الوطني.
وكأجيال جاءت بعد أجيال الرواد ومَن بعدها، لا بد لنا من الاستمرار بحمل الراية، والعمل لفلسطين الحرة والعودة. ولو توقفنا أو تراخينا لن ننجح بتسليم الراية للأجيال القادمة، ولن نستطيع صناعة الاحداث والذكريات التي ستشكل الطاقة اللازمة لاستمرار العمل والثورة، وحلقة الوصل الحيوية ما بين أبناء فلسطين.
أعرف أن أبناء الشبيبة الفتحاوية وكثيرين غيرهم يتمسكون بهذه الروح في هذا الزمن الصعب، وأن هنالك من يرون في هذا التمسك حملا ثقيلا لا يريدون المشاركة بحمله في هذا الواقع (ولا أريد التطرق لما قد يفعلونه). لهذا يجب ألا نتوقف، وأن نستمر بما تعلمناه ونؤمن به، فالحمل كبير جدا والأمانة وطن وعودة. و "إلي عنده بتع يبتع" كما قال شهيد ورمز فلسطين الزعيم ياسر عرفات.
سنستمر بالعمل وصناعة الحدث والذكريات لنقول لمن سيأتي بعدنا أننا كنا هنا، فدائيين، حراسا للهوية والذاكرة. لا نخاف "الذهاب بعيدا في الحرب بكل أشكالها"، و "لا نضع الكوابح" أبدا. لم نسكت ولن نفعل. نؤمن بأن من واجب الفدائي "تحسين الواقع الفاسد وتأديبه إن أمكن". فافعلوا مثل من سبقنا ومثلنا ولا تتوقفوا عند سؤال: هل نستطيع ؟! لأن الاجابة دائما في العمل، فإما أن نحقق ما نريد وإما الأفضل.
علاء أبو النادي فلسطيني في الشتات.