نشر بتاريخ: اليوم
كما وصلنا من حركة فتح
مقدمة: يكتب محمد قاروط أبورحمة عضو مجلس الإدارة في أكاديمية فتح الفكرية في الإدارة والقيادة وعمل الكادر وفي العمل الجماعي في ثلاث أوراق هامة قدمها لنا.
حيث يرى ضرورة أن يمتلك الكادر الفكر والقيم والمهارات، لكي يكون مؤثرا وقادرا على التخطيط والتنفيذ ووضع أهدافه الخاصة والعامة وتلك التنظيمية في مسار حياته.
ولا يغفل ما لقيادة الذات بتطويرها من أهمية، وما للقيادة الجماعية وروح العمل الجماعي في البناءعامة والجماعي منه.
واليكم الأوراق الثلاث للكاتب ضمن ملف حركي واحد.
لجنة التعبئة الفكرية في حركة فتح
2020
1-كيف يكون عضو حركة فتح مؤثرا في الجماعة؟
يمارس العضو في حركة فتح واجبات فردية او جماعية، في كلا الحالتين فان عليه مسؤولية تطوير ذاته والاستمرار بهذا التطوير.
تنبع المسؤولية الفردية لتطوير العضو في حركة فتح لنفسه أساسا من أن الالتحاق بحركة فتح عمل اختياري طوعي تطوعي، وان هدف الالتحاق بحركة فتح هو العمل من اجل فلسطين والشعب الفلسطيني، وان كل عضو في حركة فتح ملزم بإنفاذ واجباته الفردية المنصوص عليها في النظام الداخلي والذي يشكل التثقيف الذاتي احد واجبات العضو.
وكلما كان العضو الحركي أكثر ثقافة كان أكثر صلابة، بذلك يكون أكثر قدرة على ممارسة مسؤولياته الفردية، ويكون أكثر تأثيرا على الجماعة عندما يمارس واجباته ضمن جماعة.
من ضمن أمور أخرى مثل التعرف أكثر على تاريخ فلسطين والمنطقة وطبيعة المشروع الصهيوني وأهدافه فإننا نورد بعض الخصائص الفردية التي من المهم أن يعمل العضو في حركة فتح على اكتسابها ليكون مؤثرا في التنظيم وفي الجماعة وفي بيئة عمله.
1- صناعة الأمل:
يتعرض العمل النضالي والكفاح الطويل إلى إخفاقات، وأحيانا تنخفض معنويات الآخرين، العضو المؤثر يرى الصورة العامه ويرى الأهداف النبيلة التي تستحق التضحية، يستحضر الماضي ويناقش الحاضر ويبث الأمل في المستقبل، انه صانع معنويات الجماعة ومحركها بالأمل.
صناع الأمل صادقون لا يبيعون وهما، إنهم يحللون الأحداث بطرق إبداعية تؤدي إلى تغيير مشاعرهم وانفعالاتهم ويعكسونها على الجماعة ايجابيا.
كن من صناع الأمل.
2- نشر الأفكار ومناقشتها:
عندما تلتقي الجماعة لمناقشة أمر ما يركز العضو الأكثر تأثيرا على نشر الأفكار ومناقشتها، والتعلم من الآخرين.
إنه لا يغرق في تفاصيل غير مهمة مثل التحدث عن الناس او الأشياء. يركز دائما على الأفكار.
يقول ابن سينا، إن قوة الفكر قادرة على إحداث المرض و الشفاء منه.
وان الرجل (الشخص رجلا أو امرأة) ما هو إلا نتاج أفكاره، بما يفكر، يصبح عليه.غاندي.
ويقول محمد الغزالي: أنا لا أخشى على الإنسان الذي يفكّر وإن ضلّ، لأنّه سيعود إلى الحق، ولكني أخشي على الإنسان الذي لا يفكّر وإن اهتدى، لأنّه سيكون كالقشة في مهب الريح.
تعلم أنواع التفكير، وركز على التفكير الايجابي.
3- وضع الأهداف والخطط:
يعلم العضو الحركي المؤثر أن كل جهد يبذله يجب أن يصل إلى نتيجة محددة تخدم الاتجاه العام لحركة النضال الفلسطيني، هذه النتيجة هي هدف جزئي يخدم الهدف العام
والأهداف التي يضعها العضو المؤثر تكون منضبطة للشروط الخمسة بأن يكون محددا، وقابلًا للقياس، وقابلاً للتنفيذ، وأنه واقعي، ومحدد بوقت.
وعندما نفكر بالأهداف لا تتجاهل الجهد والوقت والموارد الأساليب والوسائل اللازمة لتحقيق الهدف.
الهدف الصحيح ينجز بالطرق الصحيحة، وحتى تكون الطرق صحيحة يجب أن تكون مكتوبة وهذا ما يطلق عليه الخطة.
الخطة هي طريق العمل لتحقيق الهدف.
هي إجابة مكتوبة على ستة أسئلة وهي:
ماذا؟ اسم الهدف وعلاقته بالأهداف الأخرى.
لماذا؟ هذا الهدف تحديدا وما هي النتيجة التي سنحصل عليها.
أين؟ أين سيتم العمل.
كيف؟ خطوات العمل.
من؟ من يقوم بماذا.
متى؟ توقيت تنفيذ كل خطوة عمل.
لنتذكر أن الجهد والوقت والمال يعملان معا في خطة جيدة لتحقيق الهدف الذي تقرره.
4- العطاء المستمر:
في مقدمة النظام الداخلي لحركة فتح جملة غاية في الأهمية وهي: أخي يا رفيق النضال لا تتوقف، وكان الشهيد أبو جهاد الوزير يردد دائما لنستمر بالهجوم، وأول شعارات حركة فتح ثورة حتى النصر.
يتغير شكل العطاء بناء على ظروف كل مرحلة وخصائصها، فالعطاء بالدم والاعتقال والجرح والمال والكتابة ومساعدة الشعب والدفاع عنه والفن والأدب...الخ، كل في موقعه ووفق إمكانياته وواجباته عليه أن يستمر بالعطاء دون توقف.
لان العضوية طوعية وتطوعية فان العطاء المستمر كشاف الالتزام.
5- يقدمون الدعم للآخرين:
كلنا بحاجة للدعم، كلنا تلقينا الدعم من آخرين.
تقديم الدعم من صفات العضو المؤثر، العضو الذي يرى في نجاح الآخرين نجاحا له ولحركة النضال ككل.
نقدم الدعم بالثناء على انجازات إخوتنا، ونمد يد العون لمن يحتاج ذلك. ونقيم تجربة من يخفق لنتعلم سويا منها.
6- التعلم المستمر:
نتعلم من كل ما حولنا ومن كل ما يصل إلى أيدينا.
نتعلم من أخوتنا من الكتب من الطبيعة ومن الناس كل الناس، التعلم المستمر احدي واجبات العضو الحركي.
العضو المؤثر يعرف أكثر ليعمل أكثر ليؤثر في الجماعة أكثر.
7- الحرص على نجاح الآخرين ومساعدتهم بذلك:
من المفيد التذكير أن المؤثر يعتبر نجاح إخوته نجاح له.
وان مساعدتهم على النجاح هي واجب عليه.
8- يقرؤون كل يوم:
أحببت أن افرد للقراءة فقرة خاصة بها لان القراءة شرط للثقافة وشرط للمعرفة.
الذين لا يقرؤون لا يتقدمون.
9- ينقلون خبراتهم للآخرين:
يؤمن العضو المؤثر أن قوة الجماعة قوة له. وان عمله مع جماعة تفكر يجعله أكثر تأثيرا عليهم. لذلك يقوم بنقل خبراته إليهم، ويعمل على تحسين طريقة تفكيرهم.
10- يتقبلون التغيير:
المؤثر يعمل على التغيير باستمرار.
المؤثر يقبل التغيير ويتأقلم معه.
المؤثر يشجع على التغيير.
11- يتعلمون من أخطائهم:
المؤثر مبادر لذلك يقع في الأخطاء، ولا يخجل منها، ويتعلم منها، ويعمم التجربة، وينبه الآخرين من الوقوع في أخطائه.
12- يحترمون التنوع:
المؤثر يؤمن أن التنوع هو أحد قواعد الحياة، التنوع في الطبيعة والإنسان على كافة الأصعدة.
ويؤمن أيضا أن الاختلاف هو الأصل في يقظة الوعي وتجدد الفكر وتطور الحياة، كما كتب علي حرب.
التنوع في الأصل تنوع تكامل وليس تنوع اختلاف.
2-مواصفات الأهداف الجيدة
يتطلع الفرد في حياته ليكون مؤثرا، وذو فائدة لنفسه ولأسرته ومجتمعه ووطنه، ناجحاً في إقامة علاقات متوازنة وعادلة مع نفسه وأسرته وزملائه ومجتمعه، مستقراً في عمله، ساعياً إلى التطور والتقدم.
ومن أجل بلوغ هذه التطلعات لا بُد من إتباع الأساليب المناسبة واستخدام الوسائل الصحيحة مستندا إلى القيم والأخلاق الحميدة في حياته، مطوراً لذاته مستزيداً من المعرفة مُراكماً للخبرة، مستفيداً من كل ذلك لتحقيق تطلعاته.
أما على صعيد المؤسسات (ومنها حركة فتح) فتعتبر الأهداف جزء أصيل من محددات الإتجاه الإستراتيجي للمؤسسة وهي الرؤية والرسالة والفلسفة (القيم) والأهداف، فموقع الأهداف ضمن المحددات الاستراتيجية لاتجاه المؤسسة تجعلها ترتبط مع هذه المحددات من جهة، وهي التي تترجم إلى الواقع الفعلي رؤية ورسالة وفلسفة (قيم) المؤسسة من جهة أخرى، حيث أن جمهور المستفيدين من المؤسسة والعاملين فيها، يتأثروا بهذه الأهداف ويتفاعلوا معها.
أما على صعيد العاملين في المؤسسة فإن الأهداف ذات المواصفات الجيدة، تجعلهم قادرين على حشد مواردهم البشرية والمادية في اتجاهات محددة مستثمرين كل الموارد لتحقيق الأهداف المرسومة.
المؤسسة التي لا يعرف العاملون بها، والمستفيدون منها، أهدافها تسير بغير هدى تنفق مواردها من أجل لا شيء.
الأهداف والعملية الإدارية (في المؤسسة والتنظيم):
إن استعراضاً سريعاً يقوم به أي مطلع لكافة التعريفات التي أنتجها علماء الإدارة عبر الزمن، ومن كافة المدارس الإدارية، سيلاحظ وببساطة أن تحقيق الأهداف هي سبب وجود المؤسسة/الجماعة/التنظيم وعملياتها الإدارية وجوهرها.
وبدون وجود الأهداف لا يوجد ما يبرر وجود أية مؤسسة، أو أية عملية إدارية، فما هي الأهداف، ومواصفاتها الجيدة، والقواعد العامة لتحديدها ومن هم الشركاء في صناعتها.
تعاريف:
الهدف: هو النتيجة لنشاط معين، والنتيجة المرجوة للعملية الإدارية.
الهدف: هو ذلك التطلع الطموح لتحقيق مصلحة عليا تحتاج إلى جهد ووقت كبير.
ويمكن الاستعانة بلعبة كرة القدم لتوضيح تعريف الهدف، حيث أن جهد كافة اللاعبين، ومعرفتهم، ومهاراتهم، توظف للفوز، والفوز يكون فقط بتمكن الفريق من إدخال أهداف أكثر في مرمى الفريق الثاني.
مواصفات الأهداف الجيدة: وهي كما أشرنا لها سابقا
1. أن يكون الهدف محدداً ومميزاً، ومعبراً عنه بكلمات وجمل واضحة لا تحتمل التفسير الثنائي أو غيره.
2. أن يكون الهدف قابلاً للقياس، تستطيع أن تُقيم مراحل تنفيذه، ملموساً، حتى تستطيع قياسه.
3. أن يكون الهدف قابلاً للتنفيذ، حيث أن الهدف غير القابل للتنفيذ لا يعتبر هدفا.
4. أن يكون الهدف واقعي، ولا يمكن تصور هدف صحيح عندما يكون تحقيقه غير واقعي.
5. أن يكون تحقيق الهدف محدداً بوقت معين، ليتمكن العاملون من استثمار جهدهم ومواردهم ووضعها في جدول زمني مناسب.
ومن أجل تحقيق الأهداف ذات المواصفات الجيدة لا بُد من وضع أهداف جزئية (مرحلية)، يؤدي تنفيذها إلى الوصول إلى الهدف الأساسي.
ومن أجل وضع الخطة اللازمة لتحقيق الهدف، لابُد من وضع خطط لتحقيق الأهداف الجزئية
فما هي المعايير الأساسية التي يجب توفرها في خطط الأهداف الجزئية:
1. تحديد العمل المطلوب إنجازه، ومن يقوم به، وكيف يقوم به، ومتى يقوم به، ولماذا يقوم به.
2. تحديد المعيار الكمي، والنوعي لقياس الإنجاز، وهذا يتطلب، وضع معايير التقييم الخاصة بالعمل وأساليبه وأدواته، والأفراد الذين سيقومون به، وطرق التقويم وأدواته وأوقاته.
3. تحديد الإطار الزمني المطلوب لإنجاز العمل، الوقت هو من الموارد الثمينة التي يجب استثمارها بشكل جيد، حيث أن الوقت لا يمكن احلاله، أو تخزينه أو نقله، شراء الوقت ممكن عبر دفع بدل جهد أفراد آخرين، أو شراء معدات إضافية لإنجاز العمل المطلوب.
القواعد العامة لتحقيق الأهداف:
1. تحديد الأولويات.
2. أن تكون واضحة ومفهومة لجميع أفراد المؤسسة.
3. أن تكون عملية ومرتبطة بتوفر الإمكانيات المتوفرة.
4. أن تكون مرنة قابلة للتعديل مع اختلاف الظروف الداخلية والخارجية للمؤسسة.
5. أن تكون قابلة للقياس كلما أمكن، وليست كلمات عامة أو شعارات.
6. لا تتعارض مع أهداف الأفراد.
7. أن تكون متوافقة مع قيم المجتمع وتوجهاته.
8. معايير زمنية مناسبة، وتاريخ انتهاءه.
9. أن تكون منسجمة مع باقي أهداف المؤسسة.
10. أن تكون مفهومة ومعلنة وواضحة للمستفيدين من المؤسسة.
شركاء في صناعة الأهداف:
من المهم التذكير بأن المستفيدين من المؤسسة/التنظيم والعاملون فيها هم شركاء أصيلون في صناعة ورسم الأهداف.
المستفيدون هم الذين ترسم لهم الأهداف، لذلك يجب معرفة احتياجاتهم، واهتماماتهم، ورغباتهم وذلك عبر الأبحاث والدراسات، ومراكمة الملاحظات، والمقابلات الفردية والجماعية، والإستبيانات.
أما العاملون فهم الذين سيقومون بالعمل على وضع الخطط اللازمة لتنفيذها، ومشاركتهم ستشعرهم أنهم يقومون بعمل ساهموا بصناعته من جهة، وضمان أن إمكانياتهم ومواردهم تناسب تحقيق هذه الأهداف من جهة أخرى.
أسئلة لتقييم صحة ودقة الأهداف والخطط:
1. لماذا: لماذا هذا الهدف بالتحديد، وما علاقته بالرؤية والرسالة، والمستفيدين من المؤسسة والعاملين فيها.
2. متى: متى سنحقق هذا الهدف، الجدول الزمني.
3. كيف سنحقق هذا الهدف، الخطط، المراحل، المعدات، التمويل ...الخ.
4. أين: أين سيتم تحقيق هذا الهدف، المكان.
5. من: من سيقوم بالأعمال والخطوات اللازمة لتحقيق الهدف، غير غافلين عن الرقابة والعلاقات العامة والإعلام.
وفي الختام أرغب أن أقدم أربعة أسئلة ذهبية، يُمكن للفرد (أو المؤسسة/التنظيم/الفريق) أن يضعها في قلبه وعقله ويعلقها كلوحة على حائط مكتبه، إذا أجاب عليها ظَفِرَ بالخير كُله، وسار على هُدىً عظيم لنفسه، ولأسرته، ومجتمعه ووطنه، وهذه الأسئلة هي:
إلى أين نمضي، وماذا نصنع، وكيف نقوم به، وما هي أولوياتنا.
أربعة أسئلة هامة، على كل مؤسسة أن تجيب عليها، ابتداءً من مؤسسة الأسرة وحتى مؤسسة الدولة، وما بينهما.
والإجابة عليها، يجب أن يتوافق مع الاستعداد النفسي والميل القلبي للإبداع والصعود والابتكار، وعدم الإذعان للواقع والتعلق بالروتين والتسليم بحكم الظرف به.
3-القيادة الجماعية وروح العمل الجماعي
في النظام الداخلي لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)
يقوم النظام الداخلي لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)على أربعة مفاهيم أساسية،
المفاهيم الأساسية التي يقوم عليها النظام
- حركة (فتح) حركة وطنية ثورية، ولعضويتها صفة السرية، ما لم يتقرر غير ذلك.
- الثورة للشعب بكل فئاته، التي تخوض الثورة وتمارسها، والحركة هي التنظيم الثوري صاحبة الحق في توجيه الثورة.
- تتألف الحركة من جسم واحد متكامل بقيادة واحدة تتكافأ فيها الحقوق والواجبات وتتوزع المسؤوليات وفق أنظمة الحركة ولوائحها.
- القيادة الجماعية هي الأسلوب الوحيد للقيادة في الحركة وهذا يعني:
أولاً: أن الديمقراطية هي الأساس عند البحث والنقاش واتخاذ القرارات في كافة المستويات التنظيمية.
ثانياً: وأن المركزية الديمقراطية هي الأساس في ممارسة المسؤوليات وتتضمن وحدة العمل والتنظيم والانسجام الفكري والتفاعل السياسي في الحركة.
ثالثاً: وأن النقد والنقد الذاتي هما الأساس في التنقية والتصحيح في الحركة ولا تعتبر العقوبة مطلوبة لذاتها بقدر ما هي وسيلة للتقويم والبناء.
رابعاً: وأن تقيد الأقلية برأي الأكثرية، وتقيد المراتب الأدنى بالمراتب الأعلى أساس في تحقيق الانضباط.
خامساً: تؤمن الحركة بقدسية العضوية وحرية الإنسان، وترفض مبدأ الانتقام ولا تقره، ولا تقبل المساس بحق المواطن في المشاركة في الثورة أو تعطيل هذا الحق إلا عندما تكون هذه المشاركة مصدراً خطيراً يهدد سير الحركة وأمنها.
في هذه الورقة سنتناول المفهوم الرابع أي القيادة الجماعية.
أفرد النظام الداخلي مفهوما مستقلا للقيادة الجماعية وفسرها في خمسة محاور كما ذكر سابقا، وعند مراجعة النظام كاملا ستجد أن روح العمل الجماعي تسري في فقرة منه.
وعلى الرغم من التعديل الذي أدخله المؤتمر الخامس على النظام الداخلي باستحداث منصب رئيس الحركة والتعديل الذي ادخله المؤتمر السادس باستحداث منصب نائب الرئيس فقد حافظ النظام الداخلي للحركة على مفهوم القيادة الجماعية للحركة، حيث لم يعطِ النظام رئيس الحركة أو نائبه صلاحيات خارج مفهوم القيادة الجماعية، وقد فصل النظام صلاحيات الرئيس ونائبه كما يلي:
المادة: (41( يتولى رئيس الحركة المهام التالية:-
1. رئاسة اجتماعات اللجنة المركزية للحركة, وإدارة جلساتها وفقاً لأحكام اللائحة الداخلية للجنة المركزية.
2. المصادقة مع أمين سر اللجنة المركزية على محاضر اجتماعات اللجنة المركزية.
3. متابعة تنفيذ قرارات اللجنة المركزية بجانب أمين السر.
المادة: (42) نائب رئيس الحركة
يتولى نائب الرئيس مهام رئيس الحركة في حالة غيابه, وأي مهام تكلفه بها اللجنة المركزية.
– إصدار تعميم داخلي حول المواضيع والقضايا التي تمت مناقشتها, والتي ترى اللجنة المركزية ضرورة تعميمها وتوزيعها على الحركة من خلال هيئة التعبئة والتنظيم.
– رئاسة هيئة التعبئة والتنظيم والإشراف على عمل المفوضيات الأخرى.
إن الصلاحيات الواردة في المادة 41 و42 لا تتناقض مع مفهوم القيادة الجماعية.
ومن أجل مزيد من الوعي لأهمية العمل الجماعي على صعيد اتخاذ القرارات أو النقد أوالمسالة والمحاسبة أو تنفيذ القرارات أو التزام الأقلية برأي الأغلبية مع احتفاظها بحقها بالمراجعة والحوار، ومن اجل المساهمة في إعادة القواعد والقيادات إلى العمل الجماعي فإننا نقدم هذه المساهمة للمناقشة.
العمل الجماعي كعلم وثقافة وسلوك
إن العمل الجماعي أسلوب علمي وعملي مثمر ومفيد، أو هو إستراتيجية قيادية وإدارية، وحتى حياتية، يحتاج إليه الفرد في كل الظروف والأحوال.الحديث عن العمل الجماعي سهل، ألا انه من الصعب تنفيذه. ولا يمكن لأي من القادة في المستويات العليا أو الوسطى أو الميدانية حركة فتح، أن ينتقد أسلوب العمل الجماعي، ولكن من منهم يطبقه فعلا.
الإشكاليات التي تواجه العمل الجماعي، واستخدامه كأسلوب في قيادة الحركة، إشكاليات موجودة في ثقافة الأفراد والقادة أنفسهم.
1- فالمستويات القيادية العليا تستخدم الحديث عن العمل الجماعي لمجرد الوعظ، ولا تمارسه ولا تدرب الكوادر عليه، ثم تحتج المستويات القيادية العليا بأن العاملين معها ليسوا على قدر كاف من القدرة على تحمل مسؤولية العمل الجماعي.
2- والمستويات القيادات العليا التي ترغب بالتحكم بكل السلطات لا تميز بين القيادة وما يتبعها من سلطة، وبين العمل الجماعي الذي ينتج توصيات أو يقدم مقترحات، كما يغيب عن أذهانهم أن العمل الجماعي هو في خدمتهم طالما لم ينتزع منهم سلطة اتخاذ القرار لصالح الجماعة بعيدا عنهم.
3- القادة في المستويات القيادية المختلفة يعتقدون أن العمل الجماعي يعني مصادرة صلاحيات القادة لصالح الجماعة، وهذا اعتقاد خاطئ. لان مفهوم اتخاذ القرارات في حركة فتح منح صلاحية سلطة اتخاذ القرار للهيئة القيادية والذي يكون القائد جزءا منه. وهذا يساهم بالخلط ما بين القيادة وما تتمتع به من سلطات وما بين العمل الجماعي كإستراتيجية قيادية تساعد القيادة العليا في تكوين اقتراحات أو توليد أفكار أو توصيات تساعدهم على تحسين قدرتهم على تنفيذ القرارات التي تتخذها الهيئات القيادية، وسهولة تطبيقها.
4-إن العمل الجماعي لا يعني أن تتخذ كافة القرارات بشكل مشترك، ولكنه طريقة تؤدي إلى احترام الأعضاء وتقديرهم وإشعارهم بأنهم أجزاء مهمة في الحركة، يشاركون من خلال العمل الجماعي في المسؤولية عند اتخاذ القرارات وتنفيذها مما يساهم في تحقيق ألأهداف، أو المساهمة في تحديد كيفية أدائهم لأعمالهم.
5- إن العمل الجماعي إحد طرق تدريب العاملين على إبداء آرائهم، والتعبير عنها، وهذا يساهم في ممارسة النقد بشكل ايجابي، وتنمية روح التفكير الإبداعي لديهم.
من المهم القول أن المستويات القيادية العليا يجب أن تشجع العاملين على التعبير وبحرية عن آرائهم، حتى لا يتسرب إلى نفوس أعضاء الحركة أنهم أدوات، لأن الفرد إن شعر أنه أداة، فهذا يؤدي إلى عدم الإخلاص في الالتزام بقرارات الحركة.
6-إستراتيجية العمل الجماعي، تساعد في جعل جميع الأخوة في الحركة بكافة مستوياتهم مهتمين بما يحصل في حركتهم، حريصون عليها وعلى تقدمها.
الكوادر الذين يفقدون الاهتمام بما يقومون به، أدوات لا تنتج، أو أفراد يحاول كل واحد منهم البحث عن مصالحه، وعقد تحالفات وإقامة علاقات في سبيل المصالح الشخصية وليس لمصلحة الحركة والوطن. وهذه اخطر الظواهر الحالية في الحركة.
7-المستويات القيادية المختلفة، مسئولة عن بث روح العمل الجماعي لدى أعضاء التنظيم، وذلك من خلال أفعالهم وتصرفاتهم، وفي الغالب سوف يجد الكوادر الذي تحترم أفكارهم وآرائهم، منخرطون في عمل جماعي متكامل مع القيادة العليا.
8-إن العمل الجماعي المشترك طريق لتوثيق الألفة والمحبة بين الكوادر، وتوسع المصداقية وتحسن الاتصالات الصريحة والصادقة بين ومع الكوادر والشعب.
الكوادر الذين يشعرون أنهم أعضاء محترمون ضمن فريق، أو في إطار تنظيمي ينتجون باهتمام وينجزون. والكوادر الذين يشعرون أن القيادة العليا تنظر إليهم على أنهم مجرد نوع من الإنسان الآلي الذي عليه أن يسجل مواعيد دخوله وخروجه أو يبصم بإصبع إبهامه، يفقدون الاهتمام ويبحثوا عن مصالحهم.
9-القيادة العليا، مسئولة عن التقدم والمبادرة بالخطوة الأولى، وإن لم تفعل فالجميع سيخسر وأولهم لقيادة العليا.
الخلاصة:
إن للعمل الجماعي (العمل بروح الفريق) ثقافة مناقضة تماما للفردية في العمل، والانفراد بالرأي.
وان المسؤولية الوطنية تتطلب وضع الأهداف والخطط موضع التطبيق عبر كوادر حركة فتح المطلوب منهم أن يكونوا مؤثرين في دوائرهم وفي أنفسهم، وعبر العودة الى العمل الجماعي المؤثر قولا وسلوكًا لأنه الضامن الأساسي لإنفاذ مفهوم القيادة الجماعية الوارد في النظام الداخلي للحركة.
والعمل بروح الفريق (العمل الجماعي) هو الأساس في الحفاظ على وحدة الحركة كجسم واحد كما ورد في المفهوم الثالث للحركة.
التمسك بالقيادة الجماعية والنظام الداخلي ركنان أساسيان للحفاظ على الحركة والنهوض بها.
للعمل الجماعي روح، وروحه في ثلاثة، فعالية القيادة العليا وكفاءتها ودافعيتها للعمل.
محمد قاروط أبورحمة
عضو لجنة التعبئة الفكرية فتح
عضو مجلس إدارة اكاديمية فتح الفكرية
2020
--