Facebook RSS
ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ رسالتنا ارسل مقالاً اتصل بنا

اللهم أَغِثْنَا فقد ثَقُلَ البَلاء

اللهم أَغِثْنَا فقد ثَقُلَ البَلاء
اللهم أَعِنَّا فقد عَزَّ البَقاء
اللهم ارحمنا فقد زادت شَقاء
اللهم ارْأَف بنا فقد زاد الوَباء
اللهم الطف بنا فقد زِدنَا دُعَاء
اللهم انْظُرنَا فنحن الفُقَراء
د.سعد عبالكريم السعيد

عن الفساد وجذوره وكيفية محاربته !.. كما يكتب عبد الله أبو شرخ

نشر بتاريخ: أمس

بداية فإن الفساد ظاهرة بشرية قبل أن تكون عربية أو فلسطينية .. ثمة آية قرآنية أعتمد عليها تقول ( خلق الإنسان هلوعا ) .. والإنسان هنا لفظ عام ومستوى عالمي على مدى العصور والحضارات. الفساد بكل أشكاله موجود أينما وجد الإنسان الذي خلق هلوعا محب للربح والثروة والرفاه والأرصدة دون حدود ..

لكن ظاهرة الفساد تتفاقم في العالم العربي لأن الأمة العربية ضائعة منذ لم نعترف بموضوع الصراع التاريخي على منابع المال ( السلطة ) والذي اقترن دوما بالدم والاغتيال والتصفية الجسدية للخصوم !

الأساس في محاربة الفساد هو استقلال سلطات ( التشريع - التنفيذ - القضاء ) والذي بشر به الفيلسوف العلامة عبدالله بن المقفع وأعدمه الخليفة المنصور العباسي، ثم فصله بوضوح الفيلسوف والقاضي ابن رشد في الأندلس، حيث اقتبس منه الفيلسوف الفرنسي مونتسكيو مبدأ فصل السلطات في كتابه العظيم ( روح القوانين Spirit Of Laws ).

ولكي لا يبقى هذا المقال لغو مثقفين يشربون القهوة .. لابد من التخلص من عقدة النقص وجلد الذات تجاه العرب والمسلمين كأمة تحتل خمس الكوكب بثرواته وشواطئه وأنهاره وممراته الاستراتيجية وقوة شرائح الشباب من الجنسين.

أولمرت رئيس وزراء "إسرائيل" الأسبق تلقى رشاوى وتمت محاكمته وسجنه لكن غيلان الجمعيات الخيرية في غزة لن تتم محاكمتهم ولا سجنهم كما في "إسرائيل" والعالم الغربي، لأن الدولة الحديثة التي تكونت في الغرب بعد الثورة الفرنسية التي راكمت الحراك الفكري النهضوي ضد القياصرة والكنيسة - لم تتكون بعد في العالم العربي، وللعلم فقط، وليس مونتسكيو فقط، بل جميع فلاسفة النهضة الأوروبية قد استفادوا وتعلموا من كتب ابن رشد طيلة ثلاثمائة عام ( تخيلوا ؟ ).

ولكن هنا يقفز سؤال موجع: لماذا يستطيع النائب العام في أمريكا استدعاء الرئيس بل كلنتون للتحقيق في مبالغ فاتورة هاتف البيت الأبيض ولا يستطيع النائب العام في غزة استدعاء أي متنفذ للتحقيق في مصادر أمواله وعقاراته وأرصدته ؟؟!

طبعا النائب العام في العالم العربي كله وليس في غزة أو الضفة فقط هو منصب ديكوري كاريكاتيري بلا معنى ..

هنا يجب شرح وتفصيل سبب استقلال النائب العام في الدول الديمقراطية عن السلطة التنفيذية ..

ألفت الانتباه هنا إلى فرق جوهري بين الدولة والحكومة .. فالقضاء مؤسسة دولة ليس لها علاقة بالحكومة .. كما أن رواتب السلطة القضائية هي رواتب من ميزانية الدولة وليس من الحكومة .. لا يمكن أن يتمكن النائب العام في العالم العربي من محاسبة أو مساءلة رئيس أو وزير طالما أن الرئيس هو من يقوم بتعيينه وصرف راتبه .. هذا مستحيل !!!

عندما قام توني بلير رئيس وزراء بريطانيا برحلة استجمام إلى روما لمدة أسبوعين، نزل في فندق بروما .. الفندق استفاد من الدعاية لأن رئيس وزراء بريطانيا وزوجته نزلوا في الفندق، فقامت إدارة الفندق بإعفاء بلير من الفاتورة عرفانا وشكرا .. الصحافة البريطانية العريقة عنونت أعدادها الصادرة بعناوين مثل ( بلير والفساد ) وانهمرت مقالات القضاة وكتاب الرأي في فضيحة كبرى لتوني بلير، مفادها أن فاتورة الفندق التي لم يدفعها بلير كانت بمثابة رشوة واضحة لأنه حصل عليها بصفته رئيس وزراء بريطانيا وليس بصفته الشخصية ..

من الصحافة والإعلام سيعلم النائب العام ظروف وملابسات القضية فيقوم باستدعاء بلير لتحقيق فيما نسب إليه ..

في العالم العربي عندما يكتب صحافي شجاع عن شبهة فساد لأحد المسؤولين يقوم المسؤول بتحريض أجهزة الأمن على حبس الصحافي بتهمة القذف والتشهير في سعادة ونيافة السيد المسؤول ..

عندما نشر الكاتب الإسرائيلي أليكس فيشمان مقالا عن تورط نتنياهو بشبهات فساد لم يقم المدعي العام بحبس الكاتب بل قام باستدعاء نتنياهو للتحقيق فيما نسب إليه !!!

ليس في الدول الديمقراطية الحديثة شيء اسمه حبس صحافيين وكتاب أو تلفيق التهم إليهم .. الصحافة تكتب بكل حرية بلا أي قداسة ولا تبجيل لأي بشر .. النائب العام يتابع الصحف كل صباح فيعلم كل شاردة وواردة ..

رغم قتامة المشهد العربي إلا أننا مفعمون بالأمل في أولئك الشباب في أجهزة الدولة والحكومة والأجهزة الأمنية بأن يفهموا أن اعتقال الكتاب والصحافيين هو جريمة نكراء بحق المال العام ..

وأن لنقابة المحامين صلاحية ترشيح ثلاثة قضاة لمنصب النائب العام حيث يختار البرلمان المنتخب من الشعب نائبا عاما لمدة أربع سنوات .. راتب النائب العام من الدولة وليس من الحكومة كما أنه راتب فخم جدا وبعض الدول تمنح نائبها العام شيكا مفتوحا لمصروفاته ونثرياته ونفقات عائلته ورفاهيته الشخصية لكي تصعب وتستحيل رشوته بأي قضية ..

هل أصبح واضحا أهمية حرية الصحافة ومفهوم النائب العام كموظف دولة وليس حكومة ؟؟!

خلق الإنسان هلوعا .. وسيبقى هلوعا إلى أن تتم محاسبته بالقانون على كل مظاهر الفساد المالي والإدراي وسوء استغلال المنصب .. !!!

عبد الله أبو شرخ
Developed by