Facebook RSS
الصفحة الرئيسة رسالتنا ارسل مقالاً اتصل بنا

عيدٌ فطر رضيٌ

باسم أسرة موقع نقطة وأول السطر
بمناسبة عيد الفطر نتمى لأمتنا العربية والاسلامية 
سمو الأهداف ونبيل الانجازات
 ولدولتنا فلسطين الاستقلال الوطني الناجز
ونتمى لكم الصحة والسلامة والرضا والعقل المستنير.

قاتل أمه .. كما تكتب سما حسن

نشر بتاريخ: 2017-06-22
 
 
لا يمكن أن ينسى المشيعون هذا المنظر مدى حياتهم، ولا يمكن أن يغيب عن باله لحظة أنه قد أودعها التراب بما كسبت يداه الصغيرتان حتى لو كان ذلك دون قصد، فمنظره وهو يحثو التراب فوق رأسه لا يفارق الذاكرة، كان يتمرغ فوق تراب قبرها، وظل يطلب منها في بكاء ونشيج أن تسامحه لأنه قتلها بيديه.

لو نظرنا إلى الطفل الذي يبكي لتحدثنا عن حادثة قتل غير مقصودة حيث عبث الصغير بمسدس والده فانطلقت منه رصاصة طائشة أصابت أمه في مقتل، ولو تحدثنا عن المسؤولية فهي مسؤولية الأب الذي ترك سلاحه الشخصي المحشو بالرصاص القاتل بين يدي أطفاله وفي متناول عبثهم ولهوهم.

حادثة شنيعة هزت الشارع الغزي خلال أيام شهر رمضان، حيث ترك أحد الآباء مسدسه الشخصي على الطاولة القريبة من المرآة في غرفة النوم، وحين حاولت يد الطفل أن تمتد إليه في المرة الأولى أسرعت الأم وتأكدت أنه في وضع الأمان، ولكنها أخطأت الخطأ الذي كلفها حياتها، فهي لم تغير وضعه بل تركته في مكانه وهمت بالخروج من الغرفة، حين امتدت له يد الابن مرة ثانية وانطلقت منه رصاصة أصابت الأم في عنقها وقتلتها على الفور.

فكرت كثيرا بمصير هذا الطفل، كيف سيمضي بقية حياته وهو يتذكر ما حدث، وبأنه السبب في فقدان أعز مخلوق لديه، ماذا لو قرر أن يخرج من عزلته وحزنه وألمه وانطلق ليلعب مع الأطفال في الحارة وتشاجر مع أحد الصبية فنعته بقوله: يا قاتل أمك، أو يا قاتل، كيف سيكون شعوره، وكيف سيكون رد فعله، وكيف وكيف وألف كيف، وكيف سينسى، وكيف سيقتنع أو يقنعه من حوله أن ما حدث قضاء وقدر، وأن عمر الأم قد انتهى وحياتها قد توقفت عند ذلك اليوم وأنه ليس إلا سبباً لقدرها المحتوم؟ وغيرها من المبررات التي تتأرجح ما بين العقل واللاعقل، وما بين القلب والعاطفة، ولكن في النهاية يبقى لدينا هذا الطفل الذي سيزوره الكابوس الأزلي حتى يموت: رصاصة تنطلق نحو أمه، وأنه السبب في انطلاقها.

بائس هذا الصغير الذي يجب أن يتلقى أعلى درجة من الرعاية والاهتمام، ولن يكون ذلك إلا على أيدي مختصين مهرة ومدربين ومتمرسين في التعامل مع مثل هذه الأحداث المؤلمة والتي نادرا ما تحدث، فالطفل الذي يقتل أمه ليس بحادثة شهيرة، وإن سجل التاريخ فيه قصص مماثلة، وان رصدت سجلات الحوادث قضايا مشابهة، ولكن هناك الكثير من الضحايا الذين يدفعون حياتهم ثمناً للعبث بالسلاح، ونتيجة لفوضى اقتناء الأسلحة الشخصية وهنا مربط الفرس.

مربط الفرس أن السلاح الشخصي حين يصل إلى البيت فهو مسؤولية صاحبه في المقام الأول وعلى الأب أن يخصص مكانا بعيدا عن متناول أيدي الأطفال وأن يقوم بتنظيفه والتأكد من سلامته وهو فارغ من الرصاص، وألا يستعرض عضلاته أمام صغاره فينظفه وينفخ في ماسورته وهم حوله وهو لا يعلم أنهم في دائرة الموت أو أن هناك رصاصة منسية ربما تودي بحياة أحدهم وقد تودي بحياة الزوجة، حيث قتلت امرأة قبل حادثة الطفل الذي قتل أمه بالخطأ، وكان زوجها يعبث بسلاحه الشخصي وهي إلى جواره، وغيرها من الحوادث المؤلمة التي تندرج تحت مسمّى القتل الخطأ.

السلاح هو أضعف وسيلة للدفاع عن النفس لو تحرينا الدقة، والشخص الذي يحمل المسدس يجب أن يكون مؤهلا من الناحية العقلية والجسمية لحمل السلاح لأن حضور الذهن في المواقف الخطرة أهم من حمل المسدس، وفي الدول المتقدمة التي تقدس الروح الإنسانية يكون السلاح الشخصي الذي يحمله الأثرياء وذوو المناصب الحساسة مزوداً بثلاث رصاصات أولية فالأولى تكون عبارة عن "فرقعة صوت" والثانية تكون رصاصة غاز أو دخان والرصاصة الثالثة تكون رصاصة حقيقية، وفي مواقف كثيرة تكفي رصاصة الصوت لإرهاب لص جبان أو قاطع طريق أو متسلل.

الأب هو المسؤول عن وضع أداة الجريمة بين يدي من لا يعقل، والطفل بطبيعته يهوى التقليد ويبحث عن التجربة ويريد أن يشعر بأنه قد أصبح رجلا، وللأسف ففي مفهومنا الشرقي فإن من مقومات الرجولة حمل السلاح والتلويح به أمام مرأى الآخرين.
Developed by