نشر بتاريخ: 2020-07-02
هي الثورة الفلسطينية الكبرى التي انطلقت في٢٠ نيسان ١٩٣٦وامتدت حتى عام ١٩٣٩ بل جاءت في حلقة استكمالية لسلسلة الثورات التي قام بها الفلسطينيون منذ فترة الانتداب البريطاني على بلادنا فلسطين في اعقاب الحرب العالمية الأولى كثورات ١٩٢٠و١٩٢٩و١٩٣٥ وكان هدفها الخلاص من الانتداب البريطاني والحيلولة دون اقامة وطن قومي لليهود وايقاف الهجرة اليهودية الى فلسطين والحفاظ على عروبتها .
توافرت لقيام الثورة ظروف وشروط (هدفا واداة واسلوبا) وهذا ما ميزها عن الثورات السابقة والتي لم تكن اكثر من هبات او انتفاضات ، مثلت محطة بارزة في حركة النضال الوطني الفلسطيني ضد الاستعمار البريطاني والحركة الصهيونية بعد حالة الوهن العام التي اعترت الحركة الوطنية الفلسطينية في اعقاب هبة البراق عام ١٩٢٩ ومع تطور الأحداث ادرك الشعب الفلسطيني مكامن الخطر الكبير على الوجود العربي سياسيا واقتصاديا واجتماعيا بالاضافة الى العديد من العوامل التي مهدت لانطلاق ثورة عارمة منها :
سياسة المندوب السامي البريطاني الجديد واكهوب في محاولات اضعاف الحركة الوطنية الفلسطينية ووفاة رئيس اللجنة التنفيذية موسى كاظم الحسيني وتشكيل مظهرا جديدا للاقطاعية السياسية والعشائرية .
ثورة الشيخ عزالدين القسام ١٩٣٥ والتي تجسد فيها ايمان وقناعة الشعب الفلسطيني بعدم جدوى العمل السياسي وان العمل المسلح هو السبيل الوحيد لبلوغ الاهداف الوطنية واشعلت في الشباب الفلسطيني روح الحماسة للجهاد ولحق ذلك استشهاد الشيخ عزالدين القسام وعدد كبير من الثوار
الأعداد المتزايدة في الهجرة اليهودية حيث وصلت عشية ثورة ال ٣٦ الى نحو ٤٠ الف مهاجر واستمرار الهجرة السرية الى فلسطين والتستر عليها وحمايتها من قبل الحكومة البريطانية ورفض المطلب العربي انذاك بوقف الهجرة اليهودية .
سن الأنظمة والقوانين من قبل الحكومة البريطانية لتسهيل عمليات الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وتهجير الفلاحين وتحويلهم الى عمال وارتفاع الضرائب من (٩% - ١٥%) وتدني اجور العمال العرب وانتشرت البطالة بسبب تفضيل الحكومة البريطانية للعمال والمقاولين والمهنيين الصهاينة .
تزايد الاعتداءات الصهيونية (تنظيم الهاغاناه) والمستوطنين على المدن والقرى واقتراف اعمال ارهابية واجرامية ضد الفلسطينيون .
تشكيل اللجنة العربية العليا بزعامة الحاج أمين الحسيني مفتى القدس ووحدت كلمة الاحزاب وتشكيل التنظيمات السرية تحت اسم (جيش الجهاد المقدس ) بقيادة عبدالقادر الحسيني والذي انضم اليه عدد من المجاهدين العرب من سورية والاردن ولبنان والعراق .
عمت المظاهرات والاحتجاجات معظم انحاء البلاد ورفع الشعارات المنددة بالحكومة البريطانية والتحفيز على الثورة ، واعلان الاضراب العام والذي شكل نموذجا عالميا كونه أطول اضراب يقوم به شعب كامل عبر التاريخ الحديث حيث استمر ١٧٨ يوما ، ومع اندلاع الاحداث حقق الجهاد المقدس العديد من الانتصارات في معارك عديدة منها معركة نور شمس ،معركة الجاعونه ،معركة بلعا .... ومهاجمة العديد من المدن مثل : القدس ،يافا ،عكا ،بئر السبع ،الخليل ،غزه ،صفد ... ومهاجمة مراكز الشرطة البريطانية والمستعمرات الصهيونية ،وتصفية العدد الكبير من العملاء والجواسيس وسماسرة الأراضي ، وسيطرت الثورة على كامل الريف الفلسطيني بالاضافة الى عدد من المدن بينما انكفأت السلطات البريطانية في بعض المدن الهامة وربما لو كان الأمر مقتصرا على الصراع بين الشعب الفلسطيني وبين الاستعمار البريطاني لنالت فلسطين حريتها واستقلالها كما وصف من خلال الوثائق البريطانية للأحداث وتقديرات الوضع العام وطلب المساعدة والامداد العسكري والمادي ،لكن المؤامرة الدولية كانت كبيرة من اجل تحقيق الحلم الصهيوني بتجسيد الوطن القومي .
ان المتتبع للحدث التاريخي الفلسطيني يجد مدى التشابه والتقارب الكبير بأهداف دول الظلم والتأمر على الشعب الفلسطيني في كل محطاته التاريخية سواء المعلن منها او ما يحاك سرا لانهاء القضية الفلسطينية ، ان درجة الشبه بين السياسة البريطانية
التي هيأت كل الظروف والدعم والاسناد لتمكين اليهود من السيطرة على الاراضي المحتلة عام ١٩٤٨ والساسة الامريكية التي تستكمل دور المؤامرة لسيطرة ما يسمى (اسرائيل ) على باقي الاراضي العربية لعام ١٩٦٧ بصفقة مؤامرة سمتها صفقة القرن .
تشابهة الظروف بشبه وقبح دول الظلم والتسلط والطغيان، وكلما حاول الفلسطينيون الوصول الى تحقيق اهدافهم بالاسلوب والنهج والمدعوم من القانون الدولي والدولي الانساني تكالبت دول الظلم مع حلفائهم لتفتيت وتشتيت الجهد الفلسطيني من أجل اضعاف الموقف الفلسطيني اقتصاديا وسياسيا وطرح رؤى وحلول لا تتوافق مع طموح الشعب الفلسطيني وترويجها دوليا وعربيا وتسويقها كأنها الفرص الأخيرة لما يسمونها دولة وفعليا هي تجسيد لسيادة الاحتلال وهيمنته من خلال اتفاقيات يظهر باطنها غرس السم في العسل ، من اجل تمرير المشروع الصهيوني الكبير الذي يسعى على المدى البعيد لتفربغ الأرض من أهلها ليستمر المشروع الصهيوني الاستعماري الى عمقنا العربي الذي لا يعرف حدود ليخدم قوى الظلم والاستبداد ، الا ان الشعب الفلسطيني وبقيادته الثابته بقي منذ اكثر من مائة عام وهو متمسك بحقوفه المشروعة وحقه في تقرير مصيره ومحافظته على قراره المستقل وايمانه الراسخ بصدق روايته التاربخية وبما تحمله من حقائق الوجود على هذه الارض ، برغم ضعفه الا انه يمتلك ارادة الصمود والايمان الحتمي بالانتصار لحقوقه .