نشر بتاريخ: 2020-03-09
كما وصلنا من حركة فتح-التعبئة الفكرية
نفي غير مرئي: يهود عراقيون في "إسرائيل" للباحث "تسفي بن دور" وترجمة خالد غنام.
كلمة: التقصير والحقيقة وحائط اليهود
حول دراسة-نفي غير مرئي:يهود عراقيون في "إسرائيل" للباحث "تسفي بن دور" وترجمة خالد غنام
يمكننا القول أننا مازلنا مقصرين في فهم الأحداث الكثيرة التي أدت لاغتصاب فلسطين الأرض والوطن، وطرد شعبنا بكارثة العصر (النكبة) التي تواطأ فيها الاستعمار الغربي البريطاني والامريكي ومع الصهيونية لاحقا، كما الحال مع عدم فهم الظروف والعوامل التي أدت الى تهجير اليهود طوعا أو قسرًا من أماكن سكناهم أو مواطنهم الأصلية الى وطننا فلسطين.
ويقع الخلط وعدم الفهم عند كثير منّا من نظرة محددة تفترض الرفض لكل ما هو يهودي أو صهيوني علي مظنّة أنهما واحد، وعلى مظنة أن جميع اليهود في فلسطين على نفس السويّة والعقلية والخلفيّة في تكوينهم بما يعني أن حائط أو حوائط المجتمع اليهودي في فلسطين مغلق.
تأتي كثير من الأحداث لتبرز مجموعة من الاختلافات والتناقضات سواء في البناء التاريخي للرواية الاسرائيلية، تلك الصهيونية الأيديولوجية "القومية"، أو اليهودية الخرافية التوراتية، وعلى ما بينهما أحيانا من تقاطعات وتناقضات في مرحلة ما ثم من اقتراب إلى حد التطابق في مراحل أخرى كما الحال اليوم تحت حكم اليمين الإسرائيلي، أو الاشتراكية لزمن ولّى،أو العلمانية على قلة المنظّرين لهذه الاخيرة.
إلا أن تعدد المستويات والطوائف والقوميات (الأصول الإثنية لليهود) والجذور في "المجتمع" الاسرائيلي اليهودي في ما أصبح يسمى "إسرائيل" -من أرض فلسطين التي كانت فلسطين وبقيت كما كانت- هذا التعدد الكبير يستدعي دوما ضرورة النظر في هذه التباينات من جميع الجوانب بالنسبة لنا كفلسطينيين سواء كنّا من دعاة حل الدولتين أو من دعاة حل الدولة الواحدة، أو غيرهما.
الفكرتان لا تستطيعان نظريًا القيام أو الحياة ولو كفكرة، هذا إن لم تتحول "اسرائيل" لدولة أبارتهايد عنصرية (للنظر في كتاب اليهودي التقدمي العضو في قيادة حركة فتح أوري ديفس في كتابه إسرائيل الأبارتهايدية) إلا بالتخلص من العقلية الاستعمارية الاسرائيلية وأيديولوجيتها القمعية الاقصائية (لمراجعة الكاتب التقدمي الإسرائيلي "إيلان بابيه" صاحب كتاب التطهير العرقي للفلسطينيين).
ومع ذلك وفي كل الأحوال، وبالنظر فيما هو قائم، وجب أن نفهم هذا المجتمع بتناقضاته واختلافاته فهو ليس كتلة واحدة مطلقا، وهو "المجتمع" الذي بدأ يتشكل في فلسطين تحت مظلة دولة "إسرائيل" أصبح من الممكن أن يطلق عليه مسمى "شعب" لأول مرة بالتاريخ (يراجع الكاتب التقدمي "شلومو ساند" الذي جادل بعدم وجود "شعب" يهودي على مر التاريخ في كتابه: اختراع الشعب اليهودي. وإنما كقبائل مختلفة أو تجمعات محدودة كما نقول نحن).
بين أيدينا دراسة معنونة: نفي غير مرئي:يهود عراقيون في "إسرائيل" للباحث "تسفي بن دور" وترجمة خالد غنام، وفي التقديم للأخ الكاتب والباحث والمترجم خالد أبوعدنان إشارات هامة وجب الانتباه لها، وفي النص المترجم للكاتب اليهودي "تسفي بن دور" الكثير مما يمكن النظر إليه بانفتاح وتأمل من باب التعرف على الرواية وعمق تغلغلها وطريقة استغلالها من جهة، وفي محاولة النظر من زاوية انسانية تم استغلالها لفرضها على اليهود وخاصة اليهود العرب العراقيين ما بين فكرة النفي والمنفى وفكرة الهجرة أو "الصعود" (عاليه) بالمصطلح التوراتي الاسطوري الذي يربط القديم بواقع متغير حاول مروّجوه الربط بين تاريخ ليس ذو صلة مع أرضنا أي أرض فلسطين وإدماج كل يهود القوميات المختلفة بالعالم في صلبه وكأنهم كلهم من ذات المشكاة.
نفهم من النص تلك المحاولات الصهيونية المحمومة لاختلاق رواية جديدة مختَرَعة لليهود في فلسطين، بعيدا عن بلادهم الأصلية. ورفضهم النفسي-أو بعضهم- لها، وهي الرواية الصهيونية/التوراتية الاسطورية المسيّسة التي حاولت الترويج بين كافة الجنسيات وكأن الاسرائيلي الأول المندثر من ما قبل التاريخ مازال يتناسل لينتج هؤلاء الموجودين في بلادنا اليوم في خرافة الأجناس! وربطها بمكونات مقدسة، غير ذات دلالة لا تاريخيا ولا آثاريا ولا علميا.
كما نفهم من النص الفروقات بين الطائفة (أمثال طائفة العرب المزراحيم وطائفة السفارديم الأندلسيين،والسامريين، ويهود روسيا واوربا المختلفين...) وفروقات الجالية والأقلية، كما نتبين أستغلال أسطورة "الوعد الإلهي"! واستغلال أسطورة المسيح المنتظر أو المخلص (المسايا)، وفكرة المنفى وفكرة العودة للديارالأصلية التي هُجّروا منها، والانتماء للوطن (الوطن هو العراق وليس فلسطين في حالة يهود العراق)، كما نكتشف الدور الصهيوني في تهجير يهود العراق بالقوة ومحاولة التغطية على هذا الدور الإرهابي لاختراع مشكلة لاجئين يهود في تناقض ما بين الفكرة الدينية أنها عودة أو صعود "عاليه"، والفكرة السياسية بأنها هجرة ولجوء!؟ في محاولة للمضاهاة مع قضية اللاجئين الفلسطينيين!
بغض النظر عن رواية الصهيوني الاستعماري، أو اليهودي المتطرف فإننا أمام جماعة أو "شعب" متعدد المشارب يتشكل الى جوارنا، يجب أن نتعرف عليه، قَبِلناهُ أم رفضناه،سالمناه أم حاربناه، ورغم احتلاله لأرضنا ضمن فهم الاستقلال لدولة فلسطين المحتلة على حدود ١٩٦٧ من فلسطين.
الى ذلك لا يمكن القول أننا لن نجد قواسم مشتركة مع بعض فئات من المجاورين لنا، في سياق المجتمع المتشكل داخل "أسرائيل" بل يجب النظر من كافة الزوايا بما يفيد قضيتنا الفلسطينية وهذا باعتقادي ما يجتهد لفعله الكاتب والمترجم خالد غنام ابوعدنان.
أود الاشارة الى أن الكاتب اليهودي قَرَن في سياق بحثه الهام بين الوصف التوراتي الساقط تاريخيا وبين الواقع الحالي في فلسطين ضمن طرحه (أو طرح من ينقل عنهم) لروايات التهجير لليهود من الدول العربية وغيرها، وكأن اليهود من جنسيات وقوميات دول متنوعة بالعالم يعودون بعد آلاف السنين لبلادهم! ما هو شأن مقدس! وهذا بالقطع أمر لا يستقيم.
كما أكثر الكاتب من الإشارة سواء بقلمه أو ضمن استشهاداته للتعبير عن أرض (كنعان) فلسطين القديمة تحت مسمى "أرض إسرائيل"! (للنظر لشلومو ساند التقدمي اليهودي في كتابه: اختراع أرض إسرائيل)، ويعود لاستخدام اللفظ المضلل تاريخيا لوصف أرض فلسطين بأنها "اسرائيل" في الحقبة العثمانية الحديثة، أو تحت الاحتلال الانجليزي (عندما جاء هيرودوت أبو التاريخ ٥٠٠ قبل الميلاد وجد فلسطين وقال ذلك وحددها، ولم يجد شيء اسمه اسرائيل او ممالكها/اماراتها، وفي قرار التقسيم ١٩٤٧ تقوم دولتان على أرض فلسطين)
إن المقدمة التي قدمها المترجم تستحق التأمل والدرس، كما الحال مع دراسة الكاتب اليهودي ما قد يؤثر في التغلب على تقصيرنا بقراءة الآخر، وفي عادة الفهم على طريق البحث عن نقر الحوائط الصماء لعلها تثمر وتجلب شيئا من النور.
بكر أبوبكر
كاتب عربي فلسطيني
رئيس أكاديمية فتح الفكرية
2020
*الاخ الكاتب والباحث والمترجم خالد غنام المقيم في استراليا هو عضو في مجلس التعبئة الفكرية والتدريب في أكاديمية حركة فتح.
نفي غير مرئي: يهود عراقيون في "إسرائيل"
دراسة بقلم تسفي بن دور
ترجمة خالد غنام
الفهرس
تمهيد المترجم
نبذة مختصرة
1. مقدمة: شعور المنفى.
2- إسرائيل كوطن: الصهيونية، المنفى، الخلاص
3- العيش في العراق
4- مغادرة العراق
5- اللاجئون الذين تم إعادتهم إلى وطنهم ولكنهم لا يزالوا لاجئين
6- اختفاء المنفى
المراجع
تمهيد المترجم
تعد دراسات الهجرات الجماعية القاسم المشترك بين الباحثين الإسرائيليين والعرب، وكثيراً ما يتم الخلط بين الهجرة الطوعية والتهجير القسري، بسبب التدقيق الحصري عن أسباب رحيل جماعة بشرية من منطقة إلى أخرى، وهذا الموضوع ينظر له على أن الظلم المجتمعي والاستبداد السياسي والوحشية العسكرية ضد المدنيين العزل هي بمجملها تشكل الأسباب الأساسية في رحيل الجماعات البشرية من منطقة ما إلى منطقة أخرى.
وفي الحالة الفلسطينية بقيت ذكريات النكبة محفورة بذاكرة الأجيال بسبب هزيمة الجيوش العربية وخدعة الوعود الدولية الداعية للعودة الفورية للمدنيين إلى قراهم ومدنهم، ويظهر جلياً أن رحيلهم كان قسرياً فهم لم يتحركوا وفقاً لرغباتهم ولم يختاروا البلاد الحاضنة لهم، بل أن بناء المخيمات وإعادة تعريفهم من مهجرين إلى لاجئين دائمين أخذ مدة زمنية طويلة نسيباً مقارنة بمناطق صراع أخرى بالعالم حدثت بنفس الفترة خاصة بشبه القارة الهندية وشرق أوروبا.
ومن جانب آخر، كانت الحركة الصهيونية تقوم بالدعاية لضرورة الهجرة الطوعية ليهود العالم لفلسطين حتى يؤسسوا مشروعهم الصهيوني، لكن استجابة اليهود لهذه الدعاية كانت ضعيفة جداً بل أنها مخيبة للآمال، إلا أن صعود التيارات الوطنية العنصرية في أوروبا مثل النازية والفاشية التي كانت تسعى إلى حل مشكلاتها الداخلية عن طريق بتر أجزاء من مجتمعاتها، مما سبب بعنف داخلي استغلته الحركة الصهيونية والامبريالية العالمية فأستقبل هذه الموارد البشرية وحولتها لجزء من قوة اقتصادية، إلا أن الحركة الصهيونية تعاملت مع المهاجرين الأوروبيين بعنصرية عالية فقد تم التمييز بينهم وفقاً لعرقهم فقد تم تفضيل الأوروبي الغربي على الأوروبي الشرقي، وتفضيل الأوروبي الشرقي على الروسي، وكذلك تفضيل الروسي على اليهود القوقاز.
لعل مصطلح الهولوكوست أكثر المصطلحات الصهيونية إثارة فهو جلب الكثير من الدعم المالي والسياسي للحركة الصهيونية وهو كذلك دق ناقوس الخطر في أذن كل يهودي أن عصر اضطهاد اليهود انتهى، وأن الحركة الصهيونية سوف تحمي اليهود وتوفر لهم المكان الآمن وسوف تردع كل قوى عدوانية تحاول المساس باليهود. إلا أن هناك دراسات علمية كثيرة تثبت أن الحركة الصهيونية متورطة بالهولوكوست، وأن هناك اتفاقيات سرية وقعت بين الأنظمة العنصرية الأوروبية ومندوبي الحركة الصهيونية، بموجبها تحصل تلك الأنظمة العنصرية على ممتلكات اليهود وتحصل الحركة الصهيونية على اليهود الفارين من الحروب.
إلا أن هذه العمليات لم تخرج عن كونها عمليات صغيرة لم تحقق للصهاينة التفوق العددي في فلسطين وجعل قضية ديموغرافيا معضلة حقيقية لدى الانتداب البريطاني وكل اللجان الدولية التي اقترحت ضرورة تقسيم فلسطين لدولة عربية وأخرى يهودية، وبسبب قلة عدد اليهود كانت المساحة المقترحة للدولة اليهودية أصغر من المساحة المخصصة للدولة العربية.
وابتداء من عام 1937 بدأت الحركة الصهيونية بالتفكير باليهود الغير أوروبيين، وهي نفس الفترة التي بدأ نشاط الحركة الصهيونية يتحول إلى نشاط علني في عدة عواصم عربية خاصة تلك التي تقع ضمن النفوذ البريطاني، وذلك على زمن النهضة العربية المنادي بدولة المواطنة وضرورة المساواة بين المواطنين بغض النظر عن الدين والجنس وغيرها من الفوارق.
وهنا لابد أن نقف عن نوعين رئيسين من اليهود بالدول العربية، النوع الأول ويسمى اليهود العرب المزراحيين وهو طوائف يهودية عربية أصيلة لا يمكن التقليل من نسبها العربي، وهي بالتالي تصنف طائفة من طوائف المجتمعات العربية، أما النوع الثاني فهي جاليات يهود الأندلس المعروفة باسم السفارديم، والتي تم ترحيلها قسراً للبلاد العربية بعد سقوط الأندلس ومنع تعدد الأديان بممالك الأسبان الأولى ابتداء من عام 1492.
تعد الجالية اليهود السفارديم أقدم جماعة يهودية لجأت لفلسطين ابتداء من عام 1540، وهي بقية منفصلة عن اليهود المزراحيين أو حتى يهود سوامرة، وكان لجوءهم لبلاد المسلمين بشكل عام، فقد تم استقبالهم على اعتبارهم مواطنين سابقين بممالك الأندلس الإسلامية. ولم يشعر اليهود الأندلسيين بأنهم مواطنين متساوين رغم كل المساواة المتوفرة لهم، بل أنهم فضلوا الانطواء على الذات فيما عرف بالنفي الطوعي لسفارديم وعدم اختلاطهم بالمزراحيين. وبقية مسألة الشعور بالاستقرار مسألة صعبة للجيل الأول من المهجرين من الآندلس.
إن الشروحات المتعددة لمفهوم طائفة والفرق بين الطائفة والجالية يعد أكبر معضلة بالتاريخ اليهودي خاصة بالمنطقة العربية، فبينما يعتبر البعض أن مفهوم الطوائف الاجتماعية هو جزء من تاريخ أوروبا الشمالية وأن المشاكل الطائفية بدأ في أوروبا، إلا أن اللغات الأوروبية تستخدم مصطلح جالية على أساس أن هناك جماعة قادمة للمجتمع من مناطق تمتلك قيم اجتماعية مختلفة عن الثقافة السائدة، فاليهود الروس في ألمانيا هم جالية يهودية ويختلفون عن اليهود ذوي الأصل النمساوي الأصيل الذين يعتبرونهم طائفة دينية أصيلة تمتلك نفس الثقافة السائدة في المجتمع إلا أن لها خصوصية دينية مختلفة.
أما مصطلح الأقليات فهو مصطلح تشكل بعد تعديلات الحدود السياسية في دول شرق أوروبا في أواخر القرن التاسع عشر، حيث تم فرض الوصاية على عدة دول صغيرة من دول أكبر وأصبح التجانس داخل المجتمعات صعباً فتم تشكيل قوانين تراعي حقوق الأقليات، وقد أثبتت التجارب التاريخية أن الدول الصغيرة تفضل فقرها الاقتصادي مع استقلالها السياسي على أن تكون تابعة مضطهدة لدولة كبيرة. ومن بين المصطلحات التي سمعتها بمحاضرات د. عزمي بشارة أن الطائفة هي جماعة متخلية لا وجود لها قواعد ثابتة تحكمها، وكل حالة لها خصوصية يجعل العلم النقدي يقف عاجزاً لتحديد الفروقات بين المصطلح في التجارب المختلفة. بينما رأى د. يوسف القرضاوي في كراسة الأقليات الدينية بأن الإسلام أنصف غير المسلمين في حقوق المواطنة وميزهم بصفة أهل الذمة أي أن لهم حقوق مواطنة كاملة ولم يتم تهجيرهم أو اضطهادهم بصفتهم طائفة، بل العقوبات كانت فردية ولا يذكر التاريخ أي حادثة تم اضطهاد فيها غير المسلمين بشكل جماعي كما حدث في التاريخ الأوروبي وخاصة بعد سقوط الآندلس.
وفي دراسات الطوائف اليهودية العربية والجاليات اليهودية الأندلسية يتم الخلط بين مصطلحات كثيرة لا يمكن اختصارها بالثلاث مصطلحات الواردة، إلا حقوق السياسية التي حصلت الطائفة اليهودية في البرلمانات العرقية في فترة الثلاثينيات تؤكد أن المجتمع ونظام الحكم تعامل مع اليهود على أساس أنه طائفة أصيلة في المجتمع، بينما أحداث الخمسينيات لجالية يهود الأندلس في الأسكندرية تثبت أن المجتمع تعامل معهم على أنهم جالية غير مصرية، وهذا كله حسب كتابات اليهود العرب، بينما كتب المؤرخون العرب نقلاً عن أجهزة المخابرات العربية أن سبب اضطهاد اليهود في بداية الخمسينيات من القرن الماضي، اكتشاف خلايا موساد فاعلة في أوساط اليهود الذين يعيشون في بلاد العربية خاصة في مصر والعراق، ومازالت هذه القضية معضلة تاريخية غير محسوبة حيث أن هناك أسرار كثيرة لم تنشر بعد خاصة من اليهود العرب.
وفي هذه الدراسة الحديثة تسفي بن دور يدرس وضع اليهود العراقيين في إسرائيل وكيف تم تحويلهم من طائفة عراقية إصلية لمجرد جالية عراقية في إسرائيل وهي لا تمتلك أن تتأقلم مع وضعها الحالي رغم مرور كل تلك السنين. هذه الدراسة تأتي في الوقت الذي تتحدث فيه أوراق صفقة القرن (رؤية الرئيس الأمريكي دولاند ترمب للازدهار في الشرق الأوسط) عن قضايا تم طرحها قبل ستين عاماً، فهو تحدث عن التبادل السكاني بين يهود الدول العربية واللاجئين الفلسطينيين، وكذلك منح الللاجئين الفلسطينيين ممتلكات اليهود العرب تعويضاً لهم بدل ممتلكاتهم التي تركوها في فلسطين.
إلا أن الحقيقة أن يهود العراق تحديداً ويهود الدول العربية بشكل عام يبحثون عن حقهم بالعودة إلى ديارهم في العراق ومصر وباقي الدول التي تم تهجيرهم منها قسراً ضمن سياسة بن غوريون المعروفة باسم برنامج الصهيونية القاسية لإجبار اليهود العرب للقدوم لإسرائيل، حيث أنهم يتعرضون لاضطهاد ديني واجتماعي ولا يتم إنصافهم سياسياً ولا قانونياً، لذا فقد اختار الجيل الثاني من اليهود العرب الهجرة من إسرائيل لدول غربية، ففي مدينة سدني الاسترالية يعيش أكثر من خمسين ألف يهودي عربي. وكذلك الأمر بالنسبة لدول مثل فرنسا والسويد وكندا، حيث يفضل اليهود العراقيين العيش بأحياء قريبة مناطق تواجد الجاليات العربية المسلمة وخاصة العراقية.
تشرح هذه الدراسة عمق انتماء اليهود العراقيين لبلدهم العراق، ولا يمكن أن تكون كل أعمالهم الأدبية تتحدث عن العراق الوطن وأن إسرائيل ما هي إلا منفى، فلا يمكن يشعر اليهودي العراقي بكل التمييز العنصري ضده لأن أصوله عربية بينما يرى أن المنتمين الجدد اليهودية يتم معاملتهم أفضل منه. وفي دراسات عديدة تم شرح أساليب اليهود العراقيين الباحثين عن مكان ما غير إسرائيل للهروب من أحداث الفرهود عام 1942 أو بعد أحداث 1951 فقد فضلوا الهروب الغير شرعي لإيران والهند على أن يتوجهوا إلى إسرائيل.
قد يكون في جعبتي الكثير عن تاريخ يهود العراق من خلال علاقاتي الواسعة مع أبناء جاليتهم في مدينة سدني، إلا أن هناك دراسات كثيرة تحدثت عنهم، ولعل كتاب الأخ الرئيس أبو مازن: الصهيونية بداية ونهاية يعتبر أقدم الكتب التي قرأت بها تاريخ اضطهاد يهود العراق، كما أن كتاب الأستاذ عباس شبلاق: هجرة أو تهجير ظروف وملابسات هجرة يهود العراق، وكتاب يهود كردستان دراسة في فن البقاء للبرفسور مردخاي زاكن، وكتاب ابن الجالية اليهودية العراقية في سدني أرييل صبار : عندما كان أبي بالجنة.
وفي طيات هذه الدراسة (المقالة كما يسميها تسيفي بن دور) العديد من المراجع المهمة، والتي اختارها باسلوب عصري متطور جمع بها بين قراءة الكتب ومشاهدة الأفلام الوثائقية وقراءة الأبحاث الألكترونية إضافة لمقابلات شخصية في دراسة مهمة في هذا الوقت تحديدا.
المادة كاملة مرفقة على نموذج كتاب PDF
Journal of the Interdisciplinary Crossroads ISSN 0972-9801
Thematic Issue: "The Limits of Exile" (Eds: D. Kett ler & Z. Ben-Dor)
Vol. 3, No. 1 (April, 2006), pp. 135– 162