يتجادل الفلسطينيون فيما إذا كان تعلّم اللغة العبرية دعماً للاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة، أم عوناً للشعب الفلسطيني وخدمة للقضية الوطنية؟ وتقول «رشا أبو جلال» في موقع «كريستيان ساينس مونيتور» إن إقبال الفلسطينيين على تعلّم اللغة العبرية يتزايد «عبر معاهد تعليمية منتشرة في غزة، فيما قررت حركة حماس في مايو 2012 تدريس اللغة العبرية كمادة دراسية إضافية لطلاب المدارس الحكومية في غزة»، ولفت وكيل وزارة التربية في القطاع زياد ثابت إلى أنه «مع تولي حكومة التوافق الفلسطينية في يونيو 2014 وانتهاء ولاية حكومة حماس قررت وزارة التربية والتعليم في غزة إنشاء معهد خاص لاستقطاب من يرغب في تعلّم اللغة العبرية، بعيداً عن القطاع التعليمي الرسمي».
ومن جهته أكد أستاذ اللغة العبرية أن إقبال المواطنين على تعلّم اللغة العبرية يسير بوتيرة متزايدة، وأوضح أن تعلّم اللغة العبرية في معهده يتم عبر ستة مستويات تكلف نحو 140 دولاراً، وهو مبلغ زهيد جداً، مقارنة بتعلّم أي لغة أخرى، وتهتم الجامعة الإسلامية التابعة لحركة «حماس» في غزة بتدريس اللغة العبرية لطلابها، وكانت تكتفي بتدريس العبرية القديمة وحدها ولكنها منذ سنوات تدرس كذلك الأدب العبري الحديث.
ونشرت «الحياة» 13-2-2015 أن نحو ثلاثين صحفياً فلسطينياً انضموا إلى دورة في كلية خاصة في رام الله بالضفة الغربية لدراسة اللغة العبرية، ويقول الصحفي الفلسطيني «عماد فريح»: «في القدس الشرقية المحتلة غالباً ما يتحدث الفلسطينيون العبرية ولكنهم يستعينون بالعرب في أراضي 1948 الذين يتقنونها خصوصاً في المسائل القانونية وللدفاع عنهم أمام المحاكم الإسرائيلية».
وتقول دلال سعيد: «أنا أصلاً أؤيد تدريس العبرية في مدارسنا، لأنه ضروري جداً، وأعتقد أن تعلّم العبرية بالنسبة لنا أهم من تعلّم الإنجليزية».
وكان د. عبدالله الدوسري الأستاذ الكويتي الوحيد المتخصص في الأدب العبري، قد دعا قبل سنوات إلى دراسة اللغة العبرية واعتبرها جزءاً من التراث العربي، ودعا إلى فتح قسم خاص باللغات الشرقية.
وأضاف أن العبرية التي تستخدمها (إسرائيل) اليوم تسمى العبرية الحديثة، تم إحياؤها من قبل تجار يهود في هولندا في القرن الثامن عشر، وقال إن هذه اللغة «تكاد تكون لغة غير سامية نتيجة تأثير اللغات الغربية عليها من اليهود الأوروبيين» [الأنباء 24-1-2009].
وتقول المراجع إن اللغة العبرية الكلاسيكية لم تعد مستخدمة كلغة حديثة أو تعاملات رسمية، وإنما تستخدم كلغة دينية يستعملها المتدينون في تعاملاتهم الدينية، وقد أخذت اللغة العبرية العديد من الأسماء وهي «لغة كنعان» وهو اسم وارد في التوراة، و«اللغة اليهودية» بسبب أهميتها في الديانة اليهودية، و«اللغة المقدسة» بسبب نزول التوراة بها، لكن أشهر الأسماء لها هو «اللغة العبرية»، حيث سُميت بهذا الاسم نسبة إلى العبرانيين الذين حملوا اللغة من بعد الكنعانيين.
وللعلماء أربعة آراء في تسمية بني إسرائيل بالعبرانيين، يقول أحد الباحثين: الأول: أنهم سُموا بذلك نسبة إلى «عابر» جد إبراهيم الأكبر، وهذا هو أرجح الآراء.
الثاني: أنهم نُسبوا إلى عبور النهر، نهر الفرات (لا يوجد كلمة فرات بالتوراة مطلقا بل النهر الكبير وهو في اليمن-نقطة) الذي عبره إبراهيم ومن معه بعد أن هاجروا من مدينة «أور» أو نهر الأردن (لم تدخل القبائل العربية من بني اسرائيل اليمنيين الاردن كما هو وارد هم قطعوا النهر في اليمن-يراجع فاضل الربيعي وفرج الله صالح ديب-نقطة)الذي عبره هؤلاء حينما كانوا قادمين من «كنعان» وهو اسم أعطاه الإسرائيليون لفلسطين قبل الاستيلاء عليها، فكانت الأرض الموعودة لهم، (لم تكن موعودة لأحد مطلقا فالأرض يرثها الله-نقطة) ونهاية تنقلاتهم بعد مغادرتهم لمصر (مصر اليمن هي الحقيقة-نقطة)كما هو وارد في الكتاب المقدس (المقصود في التوراة منه الحافلة بالأساطير والأكاذيب كما يقول فنكلشتاين وهرتزوغ وسبيلبرغ وساند-نقطة)، والمراد بعبور النهر هنا إلى الجهة الشرقية منه، أي شرقيّ نهر الأردن، وقيل إن الذين أطلقوا عليهم هذا الاسم هم الفينيقيون الكنعانيون أو جماعة منهم كانوا يقيمون على الضفة الغربية من النهر.
الثالث: وهو أن كلمة «عبرانيين» جمع عبراني، والعبراني هنا، في رأي هؤلاء الناس، هو إبراهيم، وإنما أُطلق عليه لفظ عبراني لأنه كان كثير التجول في البلاد الشرقية طلباً لكسب الرزق بالتجارة.
الرابع: وهو رأي الباحث «إسرائيل ولغنستون» الذي شرحه في كتابه «تاريخ اللغات السامية» وخلاصته أن كلمة عبري تساوي عربي، وكل منهما يفيد المتنقل المتجول في الصحراء، و«التاريخ يؤكد ذلك، فإن كلاً من العرب والعبرانيين كانوا، قبل أن يُنشئوا الدول ويستقروا في المدن، قبائل تتجول في صحراء بلاد العرب طلباً للكلأ لرعي الماشية والماء لسقياها». [الأمم السامية: مصادر تاريخها وحضارتها، حامد عبدالقادر، القاهرة 1981، ص110].
ماذا عن دراسة الإسرائيليين للغة العربية في مدارسهم؟
يقول الباحث عزيز حيدر في موسوعة «دليل إسرائيل العام» [مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1996، بيروت، ص270] إن فرض اللغة العربية قد بدأ مادة إلزامية في المرحلة الإعدادية في إسرائيل منذ سنة 1989، «على أن تتحول إلى موضوع إلزامي في المرحلة الثانوية بالتدريج، ويذكر أن الفارق الوحيد بين المدارس العربية والمدارس العبرية هو أن الأولى تدرس الدين الإسلامي أو الدين المسيحي، بدلاً من الدين اليهودي، وتعتبر اللغة العربية فيها موضوعاً أساسياً».
كيف تطورت اللغة العبرية؟ وهل كل كلماتها تشبه اللغة العربية؟ ولماذا يهاجم كل هؤلاء الإسلاميين اليهود والتوراة المحرّفة ويحذّرون من مكر اليهود.. ولا يدرس أحد منهم إلا نادراً اللغة العبرية والثقافة اليهودية؟ سنرى ذلك في مقال قادم!